الانتفاضة الشعبية المغربية تلملم شتاتها
تزحف الانتفاضة المغربية شيئا فشيئا، وتلملم شتاتها . نضالات شباب حركة 20 فبراير المجيدة ، إلى جانب نضالات الشباب المعطل ، إلى جانب نضالات الطبقة العاملة، المعزولة عن قياداتها النقابية المتعاونة والفاسدة ، إلى جانب نضالات الساكنة المطالبة بحقها في بناء مساكنها، وأخرى مطالبة برفع حالة الإقصاء والتهميش ، خاصة بالقرى والبوادي والمداشر . تلملم الانتفاضة المغربية نفسها في اتجاه المواجهة الكبرى بين الجماهير الشعبية ، التواقة للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، وبين نظام الاستبداد والفساد ، الجاثم على صدور كل المغاربة منذ عقود . انتفاضة ترسم ملامحها في الأفق ، رغم كل الخطط الفاشلة لنظام الاستبداد والفساد ، بكل جوقته الحزبية والنقابية والجمعوية ، في إخماد نيران الحراك الشعبي الدائر منذ شهر فبراير 2011 . لقد ظن هذا النظام انه بلجوئه إلى حربه الاستباقية لمواجهة الربيع المغربي ، في إعلان تعديلات دستورية ، وإقامة عرسه الاستفتائي، المنتهي بانكشاف عملية التزوير التي شابته، للجماهير الشعبية ، حتى التي لم تقاطع الاستفتاء ، واليوم يهيئ للانتخابات التشريعية ، التي ستمر لا محالة في اعتقادي نزيهة تقنيا ، لأنه ما يهم نظام الاستبداد والفساد ليس هو كما كان الأمر في السابق ، من سيحصل على أغلبية الأصوات أو من ستسانده الداخلية ، أم الوزارات المتحكمة في تلك الانتخابات ، بل ما ينتظره من العملية الانتخابية هو أن تمده بطاقم من " الموظفين " المنتخبين، للاستمرار في تنفيذ السياسة الاقتصادية والاجتماعية العامة للدولة ، والتي تمت دسترتها في الدستور المنوح الجديد . هذه السياسة العامة، التي يعرف القاصي والداني لاديمقراطيتها ولا شعبيتها ،همها ليس هو تلبية احتياجات الشعب المغربي ، بل تنمية وصيانة المصالح الامبريالية بالبلاد، تلك المصالح التي يقتات منها وكلاء تلك الامبريالية المحليين .على الجماهير الشعبية أن تعلم بان الأحزاب / الذباب الذي يحوم حول انتخابات نظام الاستبداد والفساد ، لا برامج خاصة بها ، وما يتم من هدر للمال العام في أطنان من المادة الورقية، وكل اللوجيستيك الانتخابي، أيام الحملة الانتخابية ، ليس سوى ديكور لابد منه للإيهام بان الأحزاب لها برامجها الخاصة ، تتنافس فيما بينها لإقناع الشعب المغربي برغبتها في خدمة الصالح العام عبر برامجها الورقية . والحقيقة التي على الجماهير الشعبية أن تعرفها هي أن تلك الأحزاب لا هم لها سوى كراسي مؤسسات الاستبداد والفساد، تغتني منها عناصرها على حساب المصير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعقائدي والبيئي للبلاد.
يظن نظام الاستبداد والفساد ، كما قلنا ، بان حربه الاستباقية تلك ، وتهييئه لنزاهة الانتخابات التشريعية، على ضوء الدستور المنوح الجديد ، ستنطلي مسرحيته تلك على الجماهير الشعبية ، وعلى الأحرار المغاربة ، بمختلف مشاربهم السياسية والثقافية والعقائدية .
نظام الاستبداد والفساد في واد ، يعتقد و هو وسط جوقته الحزبية والنقابية والجمعوية وعبيد إعلامه ، وكل بلطجيته المتدنية ، بأنه في أمان ، وان ما يقوم به من خداع للجماهير الشعبية مفعوله مازال ذا تأثير على الرأي الوطني والدولي . لكن كل ذلك، أو كل ما يقوم به نظام الاستبداد والفساد من محاولات ترميم نفسه، لم تنفع.الجماهير الشعبية ، وفي إطار حركة 20 فبراير المجيدة ، وكذا الشباب المعطل ، والساكنة المحتجة ، سواء في المدن أو في القرى أو المداشر ، صامدة في نضالاتها ، مستمرة في الإعلان الميداني على أنها غير متأثرة بترسيمات نظام الاستبداد والفساد ، ومعلنة عن رفضها المبدئي للاستبداد والفساد . فشباب حركة 20 فبراير المجيدة يعي كل الوعي بأنه كلما استمر في الصمود وتعبئة مزيد من الجماهير الشعبية ، كلما صارت الحركة بالفعل حركة تلك الجماهير ، القادرة على توحيد نضالاتها لتصب في ما هو أساسي مرحليا بالمغرب ، وهو إسقاط الاستبداد والفساد، والعمل على رسم ساحة سياسية تقبل النقاش السياسي الحر والديمقراطي ، وتتحكم فيها الجماهير الشعبية .
الانتفاضة المغربية في الأفق ، ولتعلم الجماهير الشعبية ، وكذا النخب المغربية التي تنظر إلى الحركة نظرة توجس ، أن نجاح الحركة لن يقتصر على جماعة العدل والإحسان، أو على اليسار بنوعيه ، الديمقراطي والجذري ، بل ستشمل ثمار هذا النجاح كل المغاربة ، ومن ضمنهم هاته الجماهير الشعبية والنخب المستنكفة .
الانتفاضة قادمة ، طال الزمن أو قصر ، وخلال السيرورة النضالية الجارية ، ستفهم الجماهير الشعبية أنها بصدد انجاز انتفاضة شعبية على نظام الاستبداد والفساد الجاثم على الصدور .
احسين 08/09/2011
