" بيان صادر عن التنسيق... الإقليمي لحركة 20 فبراير بالحسيمة "
السادس من أكتوبر 2011، يوم مشهود في تاريخ هذه المدينة الوديعة الهادئة، يوم سينضاف إلى الأيام والسنوات الأخرى التي بقيت محفورة في ذاكرة هذا الشعب الأبي الشامخ. فتواريخ 1958-1959، 1965، 1984، 20-21 فبراير و 6 أكتوبر 2011 ... التي مارس فيها نيرون هذا العصر كل أنواع الحرق والبطش والإبادة في حق شعبنا الأعزل، تراكمت لـتسقط القناع مرة أخرى عن وجه "دراكولا" البشع الذي لا يمكن ضمان استمراريته إلا بسفك الدماء وتهشيم الجماجم، و لـتكشف زيف الشعارات التي كان يختبئ وراءها. تراكمات تكشف للجميع حقيقة نظام لا يتورع عن ارتكاب أشنع الجرائم، رغم الصورة التجميلية التي أراد تسويقها عبر أضحوكة "الدستور الجديد"، من أجل تقليم الحقوق والحريات و تأبيد الحكَرة والاستبداد
ففي السادس من أكتوبر 2011، نفذت أسر الشهداء بمعية حركة 20 فبراير بالحسيمة اعتصاما جزئيا أمام محكمة الاستئناف بالحسيمة، لمطالبة القضاء بالإفراج عن ملف الشهداء الخمسة الذين سقطوا يومي 20 و 21 فبراير 2011، والإسراع في فتح تحقيق نزيه حول ظروف وملابسات استشهادهم، وتقديم الجناة للمحاكمة...ه
تُوج هذا الاعتصام بمسيرة رمزية وسط المدينة لتنوير الرأي العام بعدالة قضيتهم، لكن باغتتهم قوات القمع المخزنية بكل أنواعها، وأطبقت عليهم من جميع الجهات بالعصي والحجارة، فتلقى معظم النشطاء و أسر الشهداء ضربات خطيرة على مستوى الرأس و باقي أضلع الجسم الحساسة حتى سقط بعضهم صرعى على الأرض.
هذا التدخل الهمجي لم يستثن أمهات وأخوات الشهداء اللائي كن في مقدمة المسيرة، حيث تعرضن للضرب والرفس والشتم والقذف وكل أنواع الكلام النابي... كما تأخر إسعاف الجرحى ونقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج، و تم اعتقال سبعة من نشطاء حركة 20 فبراير الذين لم يطلق سراحهم إلا بعد أكثر من ثلاث ساعات من التحقيق، في نفس اليوم الذي اختطفت فيه شاحنة عسكرية مهرولة ثلاثة من الأرواح البريئة لأطفال في مقتبل العمر بـأجدير
و إذا كان نيرون روما يمتلك الشجاعة لإحراق روما في واضحة النهار و الجرأة على اعتلاء التلة متلذذا ومستمتعا بوقع صراخ الأطفال وعويل النساء واستغاثة المسنين، فإن نيرون هذا العصر أشعل المحرقة في جنح الظلام، وزعم كذبا و زورا، أن شبابنا الخمسة لصوص أرادوا سرقة بنك قضوا فيه حرقا و لم يعذبوا أو يقتلوا أو يشوهوا و يحرقوا... لتكون بذلك هذه المحرقة أخبث وأبشع من محرقة روما التاريخية
فنيرون هذا العصر لن يستطيع إسكات هذا الصوت المبحوح الذي أنهكته سنوات الاستبداد، والوجع والبؤس، و الفقر والإقصاء... لأن حناجرنا ستظل منادية بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة... مهما اشتد القمع والعنف و مهما تعددت المناورات المخزنية والمقاربات السلطوية.
لكن نيرون هذا العصر لا يريد استيعاب التحولات العميقة لهذه المرحلة التاريخية، حيث تزحف الشعوب على القصور والقلاع والحصون التي شيدها الطغاة على جثث وجماجم الفقراء والبؤساء والمضطهدين. و بكل ثقة و يقين، نقول أن هذه الديناصورات التي جثمت لعقود طويلة على صدور شعوبها، بدأت تُشيٌع عهدها الذي ولى غير مأسوف عليه، لينبثق عهد الحرية حيث تكتب الشعوب تاريخها من جديد، كما يكتبه شعبنا اليوم بحراكه التاريخي
إن الهروب إلى الأمام، لن يجدي المخزن نفعا، فـالريف و معه كل الشعب المغربي وأحرار العالم، لن يسكتوا عن هذه المحرقة، محرقة خمسة من شبابنا، والتي ستكون إعصارا يجتث القتلة والمجرمين من أرضنا المغتصبة
لذلك تدين حركة 20 فبراير في إقليم الحسيمة بشدة هذا العنف المخزني الأهوج و هذه العسكرة الترهيبية في المنطقة، و تحتج على الصمت المريب للمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي حاول مرارا إيجاد مخارج آمنة للقتلة والمجرمين كمحاولة بئيسة لوأد هذه القضية و دفنها إلى الأبد، كما تدين الحركة كل من يسترزق باسم حقوق الإنسان، و بالحقوق الثقافية واللغوية... و تعلن تضامنها المبدئي والوطني مع كل المواقع الصامدة لحركة 20 فبراير و مع جميع المناطق المنتفضة و الحركات الاحتجاجية الديمقراطية لشعبنا البطل والمناضل حتى التغيير
عاش الشعب .. عاشت حركة 20 فبراير .. و لن نتنازل عن مطالبنا العادلة والمشروعة
كما أن القمع و الترهيب و الاعتقال...، لن يزيدنا إلا تمسكا بعدالة ملف شهدائنا الخمسة
حرر يوم 08 أكتوبر2011