نص تاريخي لمحمد بن عبد الكريم الخطابي: أضحوكة الدستور الممنوح
إن دستورا لم تأت به لجنة منتخبة لا يمكن قبوله، خصوصا أن الاستفتاء عليه يتم دون أن تمكن التعبئة العادلة من ولوج للإعلام العمومي وإمكانية شرح كل وجهات النظر للمواطنين، لا نريد أن نكون أضحوكة الدستور المصنوع للمغاربة مؤخرا، موضعا للمشاحنات، أو الخلافات...، وأن نكون هدفا للمنازعات والخصومات، ومحلا للجدل والهراء… بين أبناء الأمة المغربية.
فمادامت الأمة المغربية أمة مسلمة تدين بدين الإسلام الحنيف، ومادام في البلاد من يفهم هذا الدين والحمد لله.. فمن السهولة بمكان أن نجد الحل الصحيح لكل ما يعترض سبيلنا في حياتنا الاجتماعية، بدون اللجوء إلى التحايل، والى الخداع والتضليل. إن التنصيص في هذا الدستور المزعوم على (ولاية العهد) ما هو إلا تلاعب، واستخفاف بدين الإسلام والمسلمين… إذ كنا نعلم أن مسألة الإمامة نفسها كانت دائما موضع خلاف بين علماء الإسلام منذ بعيد، وما ذلك إلا لعدم وجودها في القانون السماوي. هذا في الإمامة. وإما في ولاية العهد فلا خلاف أنها (بدعة) منكرة في الإسلام، وكلنا يعلم أن مؤسسها معروف، ونعلم من سعي في خلقها في ظروف معينة، ولغاية معلومة.. فإذا كانت مخالفة للشرع الإسلامي فلا محالة أن تكون موضع (تهمة).. ويقول إمام المذهب مالك بن أنس (ض): «ليس من طلب الأمر، كمن لا يطلبه». وذلك لأن الطلب يدل على الرغبة، والرغبة تدل على (التهمة) وعدم الطلب يدل على الزهادة والنزاهة. ثم إن ولاية العهد إذا كانت مفروضة قسرا، فلا تلزم المسلمين، إذ من المعلوم أن كل بيعة أو يمين كانت بالإكراه تكون باطلة. إذا كانت الأمة المغربية، أمة مسلمة.. فلابد لحاكمها المسلم أن يكون مطيعا لله، وبالخصوص فيما بينه وبين الأمة المسلمة، وعليه أن يستشير المسلمين في كل الأمور، عملا بقوله تعالى «وأمرهم شورى بينهم»، وبقوله في آية أخرى «وشاورهم في الأمر» فأين نحن من مضمون هاتين الآيتين الكريمتين، وكيف نوفق بينهما وبين من يريد الاكتفاء بالتحايل وخداع الأمة في أمر الشورى وغير الشورى…؟
لاشك أن التهمة موجودة وواضحة بشأن هذا الدستور