الثورات التي تحصل في العالم العربي لصالح من؟ ولحساب من؟
أكيد لا أحد يختلف أن الثورات العفوية هي لصالح الشعوب ودائما تكون أنجح من الثورات المنظمة وذلك لأن الثانية تصب لصالح منظميها فهي نجحت في تونس أكثر من نجاحها في مصر للأسباب التي ذكرناها.وهنالك أسباب كثر بكثرة القادة المنظمة وكل يحب أن يسيرها كما يملي عليه فكره وانتمائه ولم يذكر لنا التاريخ الحديث ثورة منظمة نجحت دون سرقة الثوار بعد الثورة البلشفية. ويخطط الآن الاستراتيجيين في العالم كيف يسرقوا غضب الشعوب الثائرة بتنظيمها وتعددت طرق التنظيم والأساليب في وقتنا الحاضر القنوات الفضائية الأنترنت الفيس بوك بدلا من كتب التنظير فقد تبدلت أساليب التنظير لتكون مواكبة للعصر وقد تخطى التنظير الحالي دور النضال السري فلن يبقى لهذا الدور شيئا بالحسبان كما كان سائدا الكتب السياسية والفكرية تمنع بأغلب البلدان الله يرحم هذا الدور بولادة العلنية كانت الفكرة لاتصل إلا للخواص المنتمين إليها وإن وصلت تحرق أو تدفن بعد الإطلاع عليها أو تدرخ كما يدرخ النشيد الوطني وتتلف ويبرز الحافظين على ظهر الغيب قادة لأنهم هم وحدهم الذين يستطيعون نشر الفكرة وهذه كانت قائمة منذ الرسالة المحمدية حتى عصرنا هذا وصاحب الفكرة عادة ما يكون الرئيس أو القائد أو الموجه أو الأب الروحي وكثير هي الألقاب وإن سرقت فكرة المفكر يقتل كي لا يطالب بحقه وهذا الأسلوب متبع في كل العصور وشواهد على ذلك كثيرة في التاريخ من قابيل وهابيل إلى أنبياء بني إسرائيل يحيى بن زكريا ابن الصت غاليلوساليري معاوية وكثير من هذا القبيل ليومنا. وان كان الملك أو الرئيس عنده قليل من الرحمة يسجن المفكر أو يقربه إلى ملكه كإبراهيم (ع) والنمرود يوسف والفرعون الصدر وصدام اوغلو وعبد الله اوجلان وأمثلة أيضا كثيرة لا يسعها هذا المقال وبعد حفظ الأفكار وتسجيلها بدأت الدول المشرفة على حفظ حقوق المفكر وحقوق نشر الفكرة وطبعها. ارتأت أن تشتري الأفكار التي تخدم الأمة من المفكر مباشرة ليكون لها حق التصرف بالفكرة أو تعرض مغريات لصاحب الفكرة المجددة منصب أقل مما تستحق فكرته ليبقى دائما المفكر بتصرفهم .
سأسرد لكم مثال واحد مميز والأمثلة كثيرة إلا أن اعتراف صاحب الفكرة وهو على قيد الحياة لحين كتابة هذا المقال شجعني بسردها
في الباكستان يوجد أكبر مسجد في آسيا مساحته 5000متر مربع ويستقبل 80الف مصلي بني على شكل خيمة عربية وليس له قبة بعد زيارة الملك فيصل ابن عبد العزيز .اقترح ببناء المسجد وعمل مسابقة شاركت فيها 17 دولة وبني المسجد عام 1986بكلفة 130مليون ريال سعودي وتخرج من هذا المسجد كثير من العلماء الوهابية والسلفية وأغلب الطلبة هم مقاتلين في أفغانستان ضد ما يسمى الروس وأغلبهم كان يستلم مساعدات سعودية أمريكية وبعد انسحاب الروس من أفغانستان أحست أمريكا بخطر المسجد وطلبته ومن ضمنهم من يطلقون عليهم بالقاعدة و أرادوا إغلاق المسجد دون شوشرة أو ضجة في العالم الإسلامي وقد التقوا بأغلب القادة الباكستانيين آنذاك وناقشوا معهم كيف يمكن إغلاق المسجد دون ضجيج أو إزعاج للعالم الإسلامي ووضعوا إكرامية لصاحب الفكرة التي ستنفع. وكلا قدم فكرته طامحا بالجائزة الإكرامية فمنهم اقترح الهدم واقتراحات كثيرة كانت كلها لم يؤخذ بها إلا اقتراح قدمه رئيس كيان سياسي وعلى ضوء اقتراحه أصبح رئيسا للوزراء إكراميته وكان اقتراحه أن يجعل من المسجد متنزه عام للعوائل وذلك سيقتل الرهبة والخوف من المسجد وقتل الروح الإيمانية التي كانت مهيئة في المسجد وفي هذه الفكرة سيضطر الدارسين إلى اختيار مكان آخر أو دولة أخرى للدراسة فيها وفعلا تحققت الفكرة وخرج أغلب المقاتلين من تنظيم القاعدة وتوزعوا بين الدول العربية والإسلامية.
وهكذا خطط الدول المتضررة من ثورات الشعوب الجارية في العالم العربي الآن. فهي تحاول أن تذيب الروح الثورية للشعوب الثائرة والسيطرة على أفكارهم بالكلمة وقد حركوا دمية هنا ومومية هناك من يطالب بتصحيح النظام وليس الإسقاط ومن يطالب بمطلب شخصي ومن طالب بتعديل الدستور ومن يطلب الكهرباء ومن يبحث عن الحصة التموينية فهي محاولة بقتل روح الجماعة وهذه خطط جديدة يبتدعها متضرري الثورات ويحاول نشرها كما ينشر المقولة العتيقة إسقاط رأس النظام فما عاد يمثل الآن رئيس الجمهورية هو رأس النظام وما عاد الملك هو رأس النظام فهذه أمثال شائعة خاطئة رحمة الله عليها أيضا كما ترحمنا في بداية المقال على النضال السري فلو تغير جلاد العراق وحزب البعث باقي في الحكم هل سينفع كما فعل الأعزاء الثائرين في مصر أن ذهب الجلاد بأدواته يرتاح العباد فان بقت آلة الجلد ستخلق هذه الآلة جلادين جدد بصورة اختيارية مرعبة وخصوصا إن وقعت هذه الأدوات بيد الأطفال بالسياسة فستصنع الملهم والفذ والقائد الأوحد والعام والهمام وووووو فبعد الشهداء والتضحية التي قدمتها الشعوب المغلوبة على أمرها بالانتفاضات والثورات العراق سيموت من شدة نزفه الجيش المصري يقمع من يتظاهر بعد اعتصام التحرير بحجة انتصار الثوار فيا شعب أم الدنيا إن كنوز العالم فيك وقد نهبت من قبل مبارك وحزبه وعائلته ومتى ما أعيد إليك ما نهبوه منك ومتى ما ظهرت لوحة الفنان
فانكوخ من الاختفاء حينها سيقف العالم إجلالا وإكبارا لهذا الشعب العظيم أتمنى أن تصحح مسار ثورتكم وتسلم السلطة بيد الثوار في كل البلدان الثائرة ليعم العدل والسلام لهذه الأمة .
للكاتب شهيد لحسن امباركي في 31/03/2011