جتمعت الأمانة العامة لحزب البديل الحضاري يومه الأحد 25شتنبر2011 وأصدرت البيان التالي :
يعيش الوطن العربي سياقا يتميز باستمرار دينامية الربيع العربي لأزيد من ستة أشهر، مدة زمنية معدودة كانت كافية لسقوط أنظمة فاسدة ، فيما ارتجفت أنظمة أخرى وترنحت بقوة .
ولقد كانت رسالة هذه الدينامية واضحة تنصّ على أن الشعوب العربية مَلت حياة الذل والاستعباد والفساد فخرجت تبحث عن نفسها في عالم يعجّ بالتحولات الكبرى ، وفي خضم هذا الزخم الجماهيري الهائل لم تكن بلادنا استثناءا ، بل إن شعبنا الأبي عبّر بقوة عن طموحه المشروع في الانتقال نحو ديمقراطية حقيقية والتصدي للفساد والمفسدين ، وكانت صرخة 20فبراير تجسيدا واضحا لهذا الطموح.
وبيْن الشدّ والجذب واليأس والأمل وصلت موجة الاحتجاج العالية الى محطة الاستفتاء على دستور 01يوليوز 2011والتي لم تكن آخر المسلسل.
ونحن في حزب البديل الحضاري وانسجاما مع مبدئنا النضالي كنا منذ البدء في قلب دينامية شعبنا مشاركة ودعما وحضورا . وانسجاما أيضا مع حرصنا الأكيد على أمن بلادنا واستقرارها قررنا أن ننتصر للأمل مهما كان خافتا ، من هنا كان موقفنا بالتصويت لصالح المبادرة الدستورية تصويتا سياسيا اشترطنا أن تواكبه خطوات عملية تؤشر على حسن النية لدى السلطة بخصوص الاصلاح السياسي والاستجابة لمطالب الشعب المغربي وعلى أن يؤول الدستور الجديد تأويلا ديمقراطيا ويكون بمثابة دستور انتقالي في أفق المرحلة الديمقراطية المرجوة .
لكن كل المؤشرات توحي اليوم أن هناك هوة عميقة بين الخطاب الرسمي (خطاب العرش وخطاب 20 غشت) والممارسة الميدانية المعاكسة خصوصا تلك الصادرة عن وزارة الداخلية. ونقولها بكل صدق ومسؤولية ووطنية أن الأمر أخطر وأعقد من أن يراهن مهندسو المرحلة على منطق اطفاء الحرائق وربح الوقت في انتظار عياء حركة الجماهير. ونقولها بكل وضوح يخطئ من يعتقد أن التاريخ يسير نحو الوراء أو أن الشعوب العربية حالة نشاز بين باقي الأمم التواقة إلى الحرية والديمقراطية ..إن التغيير آتٍ لا محالة وشرف عظيم أن نكون نحن بين صانعيه .
إننا حينما صوتنا بالإيجاب على الدستورلم نوقع شيكا على بياض ، بل تحملنا مسؤوليتنا وطرحنا جملة من الشروط المواكبة لجعل المرحلة مرحلة انتقالية حقيقية في اتجاه تحقيق الانتقال إلى الديمقراطية . لذلك طالبنا بفتح نقاش وطني شامل لا يستثني أحدا ولا يلغيه ، نقاش يواكب المرحلة ويهيئ لصياغة مشروع مجتمعي مغربي يخرج ببلادنا نحو برالأمان في ظل استمرار التداعيات المحلية والإقليمية واكراهات الأزمة العالمية التي ترخي بظلالها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية القاتمة علينا جميعا، لكن فوجئنا بنقاش بئيس وهزيل احتكره البعض واختزل أوراش الإصلاح، وعلى رأسها الإصلاح السياسي في العتبة والتقطيع الانتخابي واللائحة النسوية ولائحة الشباب وطريقة محاصرة هذا اللون السياسي أو ذاك...
وكنا قد دعونا إلى جعل المحطة الانتخابية المقبلة فرصة للأمل باتخاذ كل التدابير والإجراءات الضرورية لتكون هذه المحطة تمرينا حقيقيا على الممارسة الديمقراطية ومناسبة لعودة الجماهير إلى صناديق التصويت ومحطة لقطع الطريق على الفساد والمفسدين، ولكن الواضح أن هناك من يدفع المغاربة دفعا نحو اليأس من أي إصلاح ليتسنى له التلاعب في الانتخابات المقبلة ويعيد إنتاج الخريطة البرلمانية البئيسة .
و انتظرنا أن يتم الإقدام الجريء على طي ملف الاعتقال السياسي سيئ الذكر باطلاق سراح كل المعتقلين الأبرياء وفتح حوار جدي داخل السجون والكف عن ممارسة العقاب الجماعي في حق المعتقلين في أفق تحقيق مصالحة وطنية شاملة . لنفاجئ مرة أخرى باستمرار ممارسات يندى لها الجبين، من اغتصاب المعتقلين وتعذيبهم والتنكيل بذويهم.
كما انتظرنا رفع الحيف الذي طال حزب البديل الحضاري لكن من دون جدوى الأمرالذي يضرب في العمق كل مصداقية للشعارات المرفوعة ، وهنا نقولها بكل صراحة أننا نعتبر الموضوع مقياسا حقيقيا بالنسبة إلينا في حزبنا المظلوم ..
ونحن وأمام إصرار بعض الجهات، التي لا تريد تحقيق المصالحة الوطنية وتسعى إلى إدامة الانسداد والفراغ السياسي ، ولا تريد إن يصبح المغاربة جميعهم مواطنين كاملي المواطنة بغض النظر عن انتمائهم السياسي والإيديولوجي، أمام اصرار ها على مصادرة حقنا في المشاركة وأمام استمرار البعض في التلاعب بمستقبل البلاد وتهديد أمنه واستقراره عبر الاستمرار في نهج نددت به دينامية 20 فبراير فإننا قد قررنا في حزب البديل الحضاري أن لا نزكي العبث السياسي واتخذنا قرار مقاطعة الانتخابات المقبلة .
كما قررنا خوض نضالات متصاعدة وبذل كل الوسع لنيل حقنا المشروع في الوجود التنظيمي ، ونقول لمن يعنيهم الأمر أننا لن نقبل بالظلم وبالتعايش معه . وبالمناسبة نهيب بكل الشرفاء والغيوريين لأن يدعموا مسارنا في النضال من أجل استرداد حقنا كمواطنين اختاروا لأنفسهم خيار الاسلاميين الديمقراطيين في الممارسة الحزبية خدمة لبلادنا .
وفي الختام لا يفوتنا إلا أن نحيي صمود حركة 20فبرايرالمجيدة ونضالها المشروع من أجل تحقيق مطالب الشعب المغربي في الكرامة والمواطنة والعيش الكريم.
عن الأمانة العامة
المصطفى المعتصم
أمين عام حزب البديل الحضاري
الدار البيضاء 25شتنبر2011